رواية لم يكن تصادف الفصل السادس عشر 16 بقلم زينب محروس
بدأت تحس بسائل مخلوط بالدم بينتشر حواليها، فأدركت إنه خلاص لازم تروح المشفى فورًا و إلا ممكن تخسر طفلها اللي لسه مشافش الدنيا، و كانت عارفة لو اتصلت ب والدها و أخوها هيتأخروا على ما يجوا بسبب إنهم بيجهزوا أوراق في آخر المحافظة، و والدتها مش في البيت، و لذلك بعد ما فقدت الأمل في إن أحمد يرد عليها، قررت إنها تتصل ب مريم اللي ساكنة معاها في نفس الشارع، و بالفعل اتصلت بيها و زي ما توقعت و كالعادة مريم مخذلتهاش و ردت عليها بجدية:
- ايوه يا يارا؟
اتكلمت يارا بتعب و بكلمات متقطعة:
- الحقيني يا مريم.....ابني هيروح مني....الحقيني.
كانت مريم عارفة من ميريهان بطلاق يارا، و كانت هي لسه راجعة من عند سلمي و يادوب لبست إسدال الصلاة بتاعها، لكن أول ما سمعت صوت يارا و كلامها، قلقت عليها جدًا و خرجت جري من البيت من غير ما تلبس حاجة في رجلها.
على الجهة التانية، عمر خرج ل علاء و هو بيحاول يرن على ميريهان بس الفون مغلق، و دي حاجة هتجننه لأن عمرها ما قفلت الفون لأي سبب و علطول بتهتم إنه يكون مشحون عشان ميفصلش، وصل لعلاء اللي استغرب إنه جاي من غير ميريهان و سأله عليها فعمر بدأ يحكي اللي حصل و اختفائها المفاجئ.
فقال بقلق شديد:
- هتكون راحت فين يعني! دي متعرفش حد هنا!..... لاء استنى ممكن تكون راحت عند صاحبتها.
عمر قال بشك:
- لاء معتقدش.
علاء:
- دا مش وقت اعتقاد، خلينا نروح و نشوفها، ما هي لو مش عند صاحبتها تبقي مصيبة، أنت عارف إنها مش بتعرف تروح في مكان لوحدها.
عمر سمع كلامه و بالفعل اتحركوا لبيت سلمي، اللي قالت إنها بعد ما وصلتها البارح هي و اختها و هي مكلمتهاش.
علاء خبط على العربية بعصبية وقال:
- يعني هتكون فين! لو أمها وصلت لها هتبقى مصيبة!
عمر بصله باستغراب و سأل:
- ايه المصيبة اللي في كدا؟!
علاء اتنهد و قال بحزن:
- ميريهان مش أختى، مفيش رابط دموي بينا.
عمر بصله بصدمة و قال:
- أنت بتقول ايه؟!
علاء بتأكيد:
- دي الحقيقة و أنا مكنتش اعرف، و مكنتش عايز اقول عشان هي لو عرفت حاجة زي كدا معرفش رد فعلها هيبقى ايه.
عمر بحيرة:
- أنا مش فاهم حاجة!
علاء بتوضيح:
- بابا وافق إن ميريهان تنزل معاك إجازة عشان هو كان خايف من والدتها، اللي ظهرت بعد كل السنين دي و عايزة تاخد بنتها، و عشان هي متتقابلش معاها قرر إنها تيجي معاك، لكن والدتها مش ساكته و بتدور عليها عشان كدا جيت اخدها.
- طب و مين مامتها اللي معاكم في البيت؟
علاء بضيق:
- بص هو الوضع ملغبط بس حاول تركز معايا، أنا لحد أول امبارح كنت اعرف إن ميريهان تبقى بنت بابا من مراته الأجنبية، لكن الحقيقة إن زوجته دي رفضت إنها تخلف أو تجيب اطفال عشان تهتم ب بنت صاحبتها اللي تخلت عن بنتها عشان خاطر تشوف حياتها و مستقبلها و تشتغل و تحقق ذاتها، و بعد السنين دي كلها رجعت دلوقت و عايزة تاخد ميريهان.
عمر باستفسار:
- و والدك وافق على كدا؟
علاء:
- أنا معرفتش تفاصيل غير اللي قولته ده.
فون عمر رن برقم البيت و كانت والدته اللي أول ما فتح المكالمة قالت باستعجال:
- ارجع البيت فورًا يا عمر، في هنا واحدة ست عايزة تاخد ميريهان و معاها حراسة، و ميريهان قافلة على نفسها في الشقة فوق.
عمر شاور لعلاء يركب العربية و هو بيسأل سمية:
- هي ميريهان في البيت؟
سمية بتأكيد:
- ايوه، بقولك في الشقة فوق، كانت قاعدة على سطح البيت، تعال بسرعة يا عمر عشان الست دي عمالة بتقول كلام مش فاهمين منه حاجة غير انها عايزة تاخد ميريهان.
كل واحد منهم كان سايق العربية بسرعة جنونية، و ما صدقوا إنهم وصلوا لبيت عمر، ف كل واحد نزل جري من عربيته من غير ما يركنها و أول ما دخلوا عمر طلع لشقته علطول، في حين علاء اتجه للست الأجنبية اللي قاعدة و حاطة رجل على رجل و حواليها خمس رجالة من الحراسة.
عمر خبط على الباب و هو بيقول بقلق:
- ميريهان انا عمر، افتحيلي.
كانت هي أصلا قاعدة ورا الباب و بتعيط و بترتعش و أول ما سمعت صوته قامت بسرعة و فتحت الباب و من قبل ما يتكلم رمت نفسها في حضنه، و هي بتحيط جامد، فهو طبطب عليها و حاول يبعدها عنه، لكنها كانت بتشد بإيدها على قميصه، و كأنها بتتحمى فيه من والدتها اللي حاولت تقتلها و هي طفلة عندها سبع سنين.
عمر حاول يبعدها عنه بشويش و هو بيقول بحزن على حالها:
- متقلقيش يا ميري، محدش هياخدك، عمك عمر مش هيسمح لحد ياخدك أبدًا.
بعدت عنه و هي بتبصله بعيون كلها دموع:
- بجد مش هتخليها تاخدني؟
ابتسم لها بحب و قال:
- لاء مش هتاخدك، طالما انتي رافضة تروحي معاها يبقى مش هيحصل يا ميري....بس بلاش دموع بقى و اهدي كدا.....عشان لو شوفت دموعك تاني هخليها تاخدك.
كان بيقول جملته الأخيرة بمشاكسة، فهي مسحت دموعها بسرعة و قالت:
- لاء خلاص....مش هعيط.
عمر بحب:
- شطورة يا ميري.
ميريهان ابتسمت بخفة وقالت:
- يعني حتى بعد كلامي امبارح، هتفضل جنبي؟؟
عمر ضيق عيونه و قال بتصنع للنسيان:
- كلام ايه؟ هو ايه اللى حصل امبارح؟ هو انتي عملتي حاجة تخليني اتخلى عنك؟
ميريهان بتوضيح:
- يعني الموقف بتاع امبارح.
عمر ابتسم و قال بمرح:
- مش فاكر مواقف أنا، اعذريني بقى عمك عمر كبر و بقى بينسي كتير.
ميريهان فهمت إنه بيتوه فقالت:
- بجد يا عمر مش زعلان مني؟؟
عمر ابتسم و قال بهدوء:
- لاء مش زعلان، و مش هتخلى عنك، و زي ما بخاف على نورا و مقبلش حد يزعلها، انتي كمان مش هقبل حد يزعلك.
ميريهان بحزن و ترقب:
- يعني أنت هتعتبرني زي نورا ؟؟
عمر حرك دماغه و قال بصدق و هي بيحاول يدوس على مشاعره:
- ايوه هعتبرك زي نورا، و وعد مش هتخطى حدودى معاكي تاني و هعاملك بما يرضي الله، و اللى مرضهوش على أختي مش هقبله عليكي.
كان بيشد على ايده و هو بيتكلم عشان يمنع عيونه من إنها تدمع، لكن مشاعره و حزنه كانوا أكبر من رغبته في التحكم فيهم، و بالفعل بدأت العيون تتجمع فيها دموع، فقال بجدية عشان يغير الموضوع:
- ادخلي أنتي جوا و أنا هنزل اشوف علاء عمل ايه؟
ميريهان سألت بانتباه:
- علاء! هو علاء تحت؟؟
- ايوه، هو عرف؟
عمر باستغراب:
- عرف بإيه؟
- اني مش أخته؟
- ايوه عرف، و هو هنا عشان يمنعها تاخدك، يعني متقلقيش أنا و هو معاكي.
على الطرف التاني كان أحمد قاعد على القهوة و هو بيفكر هيعمل ايه في الأيام الجاية، و ازاى هيعتذر من عمر على الغلط اللى ارتكبه، و يعتذر من ميريهان هي كمان، عشان سمح لنفسه يمسك فونها لما نسيته اول يوم ليها في المطبخ و اضافها صديقة على مواقع التواصل بدون علم منها.
قطع شروده، نفس الشاب اللى كلمه على سفر ياسر، قعد جنبه و قال:
- صاحبي المليونير، هتعتمد على فلوس حماك و مش هتشتغل و لا ايه؟ بقيت تقعد على القهوة كتير!
أحمد بصله بطرف عينه و متكلمش، ف الشاب كمل و قال:
- شكلك كدا لسه مردتش يارا.
أحمد قال باقتضاب:
- ايوه مردتهاش و مش عارف اتصرف، لو عليا عايز أطلقها طلاق نهائي، بس المشكلة فى ابني، أنا عايزه و مش عايز اتحرم منه.
صاحبه بجدية:
- طالما عايز ابنك يبقى لازم تردها، لأن حضانة الطفل من حق الأم، و إلا بقى لو هي اتجوزت أنت تاخده.
أحمد بيأس:
- و هي مستحيل تتجوز بعدي عشان هي بتحبني، و ممكن تاخد وقت طويل على ما تتخطاني، و بكدا مش هقدر اكون مع ابني و أنا مش عايز اضيع أي حاجة من طفولته أو من رحلتي كأب.
الشاب:
- يبقى لازم ترجعها عشان ابنك، و إلا تنازل عن حلم الأبوة دا لحد ما تتجوز تاني و ربنا يكرمك.
أحمد بضيق:
- المشكلة إني خلاص مبقتش قابلها و لا طايق العيشة معاها، فمش عارف بقى هقدر استحمل ازاى!
********
بعد جدال طويل مع والدة ميريهان عشان تاخدها، قررت إنها تمشي بعد ما شافت إنهم مستحيل يسبوها تاخدها منهم، و مع ذلك قررت إنها مش هتستسلم بس هتصبر شوية عشان تبين صدقها، لكن لو اتكلمنا في الحقيقة، فهى مش راجعة عشان حبها لبنتها و إنما عشان تتمم بيها صفقة لما تجوزها لابن رجل اعمال امريكي.
علاء بادر بالكلام بعد ما هي خرجت و قال:
- أنا بعتذر يا جماعة على القلق اللي سببناه.
عمر طبطب على كتفه و قال:
- و لا إزعاج و لا حاجة يا معلم.
وائل بتأكيد:
- عمر معاه حق، مفيش إزعاج و لا حاجة، بالعكس دا احنا اتبسطنا إنك نورتنا.
علاء بحرج:
- دا من ذوق حضرتك يا عمي و الله، لو تسمحولي هطلع اجيب ميريهان عشان نمشي.
عمر كان عايز يمنعه لكنه مقدرش يتكلم، لكن سمية كانت ملاحظة رغبته في إنها تكمل معاهم الإجازة، فقالت هي بمحبة:
- و تمشوا ليه يا حبيبي؟ اهو كدا بقى يبقى بتزعجنا فعلاً.
علاء:
- معلش يا طنط، بس لازم نمشي عشان عندي شغل، بس إن شاء الله هيكون لينا زيارة تانية في ظروف أحسن.
هدى بإصرار:
- لاء يا ابني، مش هتمشي من هنا غير لما تقعد معانا يومين، دا انت غالى أوى على عمر و من كلامه عنك خلانا نحبك كلنا و عشان كدا لازم تقعد معانا بقى يومين.
قبل ما يعترض سمعوا صوت مريم اللي دخلت من الباب المفتوح و بدون مقدمات سألت بحزن واضح في صوتها:
- أحمد فين؟؟
هدي اتحركت لعندها و سألت بقلق:
- أحمد مش هنا، في حاجة و لا ايه؟
مريم عيطت و قالت:
- يارا....يارا.... ولدت و الطفل نزل ميت.
صدمة نزلت عليهم الجمت لسان الكل، كلهم بيبصوا لبعض بصدمة، دي هي خارجة امبارح و كانت كويسة، فأول واحد سأل هو وائل اللي قال:
- ايه اللى حصل؟ هش مش في الشهر التامن؟ ولادة ايه دلوقت!
مريم بتوضيح:
- يارا وقعت من على السلم، و مع الأسف على ما وصلت المستشفى كان الجنين مات، و من لما فاقت و سمعت الخبر و هي مش بتتكلم و قاعدة بتردد اسم احمد بس.
العيلة كلها وصلت المستشفى عشان يطمنوا على يارا، مهما كانوا زعلانين منها بس هي حاليًا في موقف محتاجة فيه دعمهم عشان تتخطي خسارة ابنها، و بالفعل كانوا موجودين و معاهم ميريهان و علاء، و اتصلوا على أحمد و طلبوا منه يروح المشفى فورًا من غير ما يقولوا على السبب.
أول ما دخل جرى عليهم و هو بيسأل بقلق:
- فى ايه يا جماعة؟ كلكم قدامي و بخير اهو، بنعمل ايه هنا بقى؟.
هدى ردت بهدوء:
- يارا، يارا ولدت.
أحمد ابتسم بسعادة بانت فى عيونه، و قال:
- بجد؟ يعني أنا بقيت أب! يعني أنس جه و هينور بيتنا.
كلهم كانوا بيسمعوا كلامه و هما زعلانين عشانه و قبل ما يعطي حد فرصة إنه يتكلم، دخل علطول الأوضة اللي فيها يارا، فكانت الممرضة بتتحرك من جنب السرير، و لما شافته سألت:
- هو حضرتك زوجها؟
أحمد بجدية و هو بيدور بعيونه على الطفل:
- ايوه أنا.
الممرضة بعملية:
- طيب هي أخدت مهدأ، حاول حضرتك تبقى جنبها و تهون عليها، و ربنا يعوضكم خير.
أحمد نقل نظره بين الممرضة و بين يارا اللي دموعها بتنزل و هي بتردد اسم أحمد بوهن، فسأل بخوف و ترقب:
- يعوض علينا ليه؟ هو في ايه؟ و أخدت مهدأ ليه؟ و ابني فين أصلا؟؟
الممرضة فهمت من كلامه أنه لسه ميعرفش، فقالت بأسف:
- مع الأسف، الطفل نزل ميت.
قالت كلامها و خرجت و سابته واقف مصدوم، و دموعه نزلت و هو مش حاسس، معقول الطفل اللي بيستناه من شهور مبقاش موجود! دور الأب اللى نفسه يعيشه خلاص راح!!
سحب نفس طويل لما حس إنه مبقاش قادر يتنفس، اتحرك ببطء و خرج من الأوضة و قفل الباب وراه، و قرب من عمر و قال من بين دموعه:
- أنا آسف، آسف على كل الأذى اللى سببته يا عمر، عشان انت شخص كويس و أنا ظلمتك ف ربنا اخدلك حقك، أنا أخدت منك يارا و ربنا اخد مني اعز ما ليا، أخد مني ابني من قبل ما اشوفه.
نقل نظره ل ميريهان اللي كانت بتعيط عشانه و عشان يارا و قال:
- و أنا آسف يا بشمهندسة لو كنت ضايقتك بكلامي، و بعتذر عشان سمحت لنفسي امسك فونك و أضيف نفسي صديق عندك........ أنا آسف من كل العيلة عشان الاحراج اللي سببته.
خلص كلامه و اتحرك عشان يمشي و من وراه هدي اللي كانت بتعيط عشانه و على قهرته، ف دي اول مرة أحمد يعيط فيها و يبان مكسور كدا، أما مريم فجريت وراه عشان تمنعه و قالت:
- أحمد من فضلك خليك، يارا محتجاك جنبها.
أحمد بصلها و قال:
- اهتمي انتي بيها أنا هطلقها رسمي.
مريم برجاء:
- طيب طلقها بس مش دلوقت، يارا نفسيتها كدا هتدمر لما تخسر ابنها و تخسرك في نفس الوقت.
أحمد بإصرار:
- لاء مش هينفع ابقى موجود جنبها، مش هعطيها أمل برجوع و لا عايز اكون معاها عشان كل مرة هشوفها فيها، هفتكر خسارتي لابني اللي اتحرمت منه قبل ما اشوفه.
يتبع......
بقلم زينب محروس
#الفصل_السادس_عشر
#لم_يكن_تصادف
رمضان كريم يا حلوين ♥️♥️
و تنعاد عليكم الأيام بخير يا رب 🤲♥️